ما هي تحليل الأزمة الروسية الأوكرانية؟، ما زالت الوضعية في أوكرانيا تحتل مكانة بارزة على المستوى الدولي حتى بعدما بدا أن هناك “تحسنًا” إثر إعلان روسيا عن إنهاء تمريناتها العسكرية وإعادة بعض وحداتها من الحدود، في سياق الموقف الحالي المتوتر، ومع تقوية الحضور العسكري الروسي الذي أثار القلق في الدول الغربية مؤخراً خشية تكرار ما حدث في العام 2014 عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، جرت خطوة غير متوقعة.
تحليل الأزمة الروسية الأوكرانية
في شهر ديسمبر من العام 1991، كانت أوكرانيا واحدة من الجمهوريات إلى جانب روسيا وبيلاروس التي قامت بوضع آخر مسمار في نعش الإتحاد السوفيتي، ومع ذلك سعت موسكو للحفاظ على تأثيرها عبر إنشاء رابطة الدول المستقلة وكان الكرملين يعتقد حينها أنه قادر على فرض السيطرة على أوكرانيا من خلال توريد الغاز بأسعار منخفضة، لكن هذا لم يتحقق، وفي حين أن روسيا نجحت في تشكيل تحالف قوي مع بيلاروس، كان تركيز أوكرانيا يتجه دومًا نحو الغرب.
أثار هذا استياء الكرملين، إلا أنه لم يتطور إلى مواجهة خلال عقد التسعينات، في تلك الفترة بدت موسكو مطمئنة نوعاً ما إذ كان الغرب لا يطمح لإدماج أوكرانيا إلى صفوفه وأيضاً كان الاقتصاد الروسي يرزح تحت وطأة الصعوبات والدولة كانت منهمكة بنزاع الشيشان. في العام 1997، اعترفت موسكو بصورة رسمية بحدود أوكرانيا وذلك من خلال ما عُرف بـ “العقد الكبير”، وشمل هذا الاعتراف شبه جزيرة القرم، حيث تقطن أغلبية تتحدث الروسية.
أسباب الخلاف بين روسيا وأوكرانيا
وقعت أولى الأزمات الدبلوماسية الكبرى بين موسكو وكييف في عصر فلاديمير بوتين، حيث فوجئت روسيا في خريف العام 2003 بإقامة جسر في مضيق كيرتش باتجاه الجزيرة الأوكرانية “كوسا توسلا”، مما دفع كييف لاعتبار ذلك خطوة نحو إعادة رسم للحدود بين الدولتين. تصاعد التوتر نتيجة لذلك، ولم يخمد إلا عندما التقى الرئيسان الروسي والأوكراني وجهاً لوجه، بعد هذا اللقاء توقفت أعمال البناء على الجسر، لكن العلائق الودية التي كانت مُعلنة بين البلدين بدأت تُظهر علامات الانشقاق.
خلال السباق الرئاسي في أوكرانيا لعام 2004، قدمت روسيا دعماً واسعاً لمرشحها المفضل، فيكتور يانوكوفيتش، إلا أن “الانتفاضة البرتقالية” عرقلة طريقه نحو النجاح وبدلاً من ذلك، تمكن المناصر للغرب فيكتور يوشتشينكو من الفوز بالرئاسة، خلال فترة حكمه أوقفت روسيا تدفق الغاز إلى الدولة مرتين، في الأعوام 2006 و2009، وتأثرت أيضاً شحنات الغاز المتجهة إلى دول أوروبية التي كانت تمر عبر أراضي أوكرانيا.
في العام 2008، سعى الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج دبليو بوش، لضم أوكرانيا وجورجيا إلى عضوية حلف الناتو من خلال برنامج تأهيل للعضوية، واجه هذا التحرك معارضة من بوتين، وأعلنت موسكو صراحةً عن رفضها الاعتراف بالاستقلال الكامل لأوكرانيا، في الوقت نفسه عملت كل من فرنسا وألمانيا على منع تنفيذ خطة بوش. وفي قمة الناتو التي عقدت ببوخارست، طُرحت قضية ضم أوكرانيا وجورجيا للحلف إلا أنه لم يقرر موعد محدد لذلك.
بما أن أوكرانيا لم تُحرز تقدماً سريعاً في مسعاها للانضمام إلى حلف الناتو، بادرت إلى التواصل مع دول الغرب من خلال توقيع اتفاقية تعاون مع الاتحاد الأوروبي خلال صيف 2013، عقب الموافقة على الاتفاقية بأشهر مارست العاصمة الروسية ضغوطاً اقتصادية شديدة على العاصمة الأوكرانية، مُحدثةَ قيوداً على الصادرات الوافدة لأوكرانيا. في ضوء هذه الأحداث، أوقفت حكومة الرئيس السابق يانوكوفيتش، الفائز في انتخابات 2010، العمل بالاتفاقية مما أثار مظاهرات معارضة لإلغاء الاتفاقية وأسفر عن ذلك فرار يانوكوفيتش إلى روسيا في شهر فبراير من عام 2014.
اقرأ أيضًا: كم يبلغ عدد قوات فاغنر الروسية
علامة فارقة في الأزمة الروسية الأوكرانية
في مارس من عام 2014، ألحقت روسيا شبه جزيرة القرم بأراضيها، وكان ذلك يشكل نقطة تحول هامة ومقدمة لنزاع لم يُعلن عنه بشكل رسمي. في الوقت نفسه، شرعت قوات شبه عسكرية روسية في تجميع قواتها في منطقة دونباس الشرقية في أوكرانيا، والمعروفة بثرواتها الفحمية وقد أعلن عن تأسيس جمهوريتين شعبيتين في دونيتسك ولوهانسك يقودهما أشخاص من أصل روسي. في المقابل، ترقبت الحكومة الأوكرانية في كييف حتى اختتام الانتخابات الرئاسية في مايو من عام 2014، قبل أن تبدأ بتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق أطلقت عليها اسم “حرب على الإرهاب”.
في شهر يونيو من ذلك العام نفسه، عقد الرئيس الأوكراني الجديد، بيترو بوروشينكو، اجتماعًا مع بوتين لأول مرة وذلك بتسهيل من ألمانيا وفرنسا، وكان ذلك على خلفية الاحتفاء بمرور 70 عامًا على هبوط قوات الحلفاء في نورماندي وخلال هذا اللقاء، ظهر ما يعرف بـ”مسار نورماندي” للتفاوض.
اقرأ أيضًا: من هي قوات فاغنر الروسية وعددها
وإلى هنا نكون قد انتهينا من مقال اليوم الذي كان عن تحليل الأزمة الروسية الأوكرانية بعد أن قمنا بسرد كافة ما يرتبط بذلك مثل أسباب وجود هذه الأزمة بين روسيا وأوكرانيا بالإضافة تحليل تلك الأزمة.